يعتقد الكثيرون بأن إدارة إجراءات العمل وأتمتة الأعمال شأن خاص بالشركات الكبرى والمنشآت الحكومية فقط ولا شأن للأخرين بها. هذا الاعتقاد ربما يكون أحد أهم أسباب تراجع جودة الكثير من الخدمات في منطقتنا العربية لأن 90% من حجم الأعمال في البلاد العرية والمتمثل بالشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم لا تهتم اطلاقا بإجراءات العمل لديها.
لماذا إدارة إجراءات العمل؟
إجراءات العمل هي أساس أي خدمة تقدمها أي شركة مهما كان حجمها أو طبيعة النشاط الذي تقوم به وهي التي تحدد مستوى الجودة المقدمة للأخرين. فكل منتج أو خدمة مقدمة هي في النهاية ناتج إجراء أو مجموعة من الإجراءات التي تعمل سويا للوصول للهدف المطلوب فكلما كان ممكنا إدارة تلك الإجراءات بالشكل المطلوب كلما كانت الخدمة المقدمة ذات جودة.
فإن كنت تقوم بتوفير خدمة ما لعملائك أو ننتج منتجك وفق إجراءات واضحة لك ولموظفيك وعملائك فإن جودة منتجك ستكون أفضل وتجربة العميل لديك ستكون سهلة وسريعة ومنظمة مما سيميزك بالتالي عن منافسيك.
لكن إن كنت تقدم خدمة ما للجمهور دون أن تعرف ما هي الإجراءات التي تقف خلفها فمعنى ذلك أنك تعمل بشكل عشوائي وتعتمد بشكل كامل على المحاولة والخطاء في طبيعة وجودة الخدمة أو المنتج الذي نقدمه. قد يكزن ذلك مقبولا إن استطعت أن تستفيد من تلك المحاولات والاخطاء لتخرج بالإجراء أو الإجراءات المناسبة للخدمة التي تقدمها فتنتقل بذلك من منشأة لا تملك إجراءات واضحة الى المستوى الثاني والذي تملك فيه إجراءات واضحة قابلة للتطبيق وعندها فقط تستطيع التطور الى مستويات أعلى فتتمكن من توثيق اجراءات العمل لديك ثم تعمل بعد ذلك على أتمتتها ثم تحسينها بشكل دوري لتصل بمنتجك أو خدمتك الى أعلى مستوى من الجودة.
كيف أقوم بأتمتة الأعمال؟
الامر ليس معقدا. كل ما عليك فعله هو أن تعرف ما هي الإجراءات المناسبة لإنتاج المنتج أو للوصول للخدمة التي تقدمها للأخرين وذلك من خلال الخبرة التي تملكها أو يملكها موظفيك أو من خلال أفضل الممارسات المتعلقة بالخدمة أو المجال الذي تعمل فيه أو حتى من خلال معايير الجودة التي ترتبط بعملك أو منتجك. فهي طريق البداية نحو الوصول الى إجراءات خاصة بك تميز منتجك أو خدمتك عن الأخرين.
قد تتطلب كل مهمة أو خدمة أجراء واحد فقط أو قد تكون عبارة عن مجموعة من الإجراءات المرتبطة مع بعضها البعض، ويحتوي كل اجراء على مجموعة من النشاطات التي تؤدي الى تنفيذ الاجراء والوصول الى هدفه، ويتولى القيام بكل واحد من هذه النشاطات عنصر بشري أو غير بشري حسب طبيعة العمل.
وتُعنى إدارة إجراءات العمل بتلك العملية التي يتم من خلالها صيانة تلك الإجراءات عبر توثيقها وأتمتتها وتحديثها وتطويرها بشكل مستمر لتواكب أي تغير يحدث في المنتج أو الخدمة أو وفقا لما يرد من العميل. وهنا نحن بحاجة للتقنية لأتمتة تلك الإجراءات وذلك للتقليل من الأخطاء البشرية وغير البشرية التي يمكن أن تحدث أثناء التنفيذ ولتخفيض تكلفة العمل ووقت الانجاز. حيث يتم تحويل الاجراء اليدوي الى اجراء ألي أو أن يتم مساعدة القائم على تنفيذ الاجراء للقيام بالنشاط المطلوب بكفاءة اعلى أما عبر امداده بالمعلومات أو توفير الأدوات المناسبة للعمل أو دعم التشارك مع الأخرين أثناء التنفيذ.
مثال لتوضيخ مفهوم أتمتة الأعمال
إن كنت طبيبا فأنت تقدم خدمة “معالجة المرضى”، فلتحدث هذه الخدمة فلابد أن تتم مجموعة من الإجراءات أهمها مثلا “حجز موعد” “المعالجة ” “تقديم العلاج” و”المتابعة”. كل أجراء يحتوي على مجموعة من النشاطات فمثلا حجز الموعد يحتاج أن يقدم المريض أولا طلبا لتحديد موعد محدد مع الطبيب ثم تاليا يتم البحث عدم مدى إمكانية تحقيق هذه الموعد او اقتراح موعد جديد والتي يتم على أساسها الاتفاق على الموعد وأخيرا التأكيد على الموعد من قبل الطبيب.
يمكن أن تتم هذه الإجراءات مبدئيا عبر اتصال المريض بالطبيب عبر السكرتير (كما هو موضح بالشكل) كما يمكن اتمتتها.
فإن كانت هذه الإجراءات واضحة ومنظمة ولا تتم عشوائيا فإنها ستسير بسلاسة وسيرضى العميل عن الخدمة المقدمة. أما ان كانت تتم عشوائيا فيجيب الطبيب أحيانا والسكرتير أحيانا أخرى أو لا يجيب أحدهما أو أن الطبيب لا يؤكد الموعد أنو يقوم بإلغائه بعد تأكيده فأننا هنا سنحصل على خدمة سيئة وقد لا يتابع المريض المعالجة عند هذا الطبيب باحثا عن غيره.
والأن عندما نتنقل لمستوى أعلى وتتم أتمتة هذا الاجراء عبر الموقع الإلكتروني للطبيب مثلا فيعمل المريض على اختيار الموعد المناسب من المواعيد المتوفرة في جدول الطبيب عبر الإنترنت ويحصل على تأكيد من الطبيب مباشرة عبر الهاتف المتنقل مثلا، فهنا نحن أتمتنا هذا الأجراء ووفرنا في الوقت والتكلفة على المريض والطبيب وتم الاجراء بسرعة أكبر مما سيشعر العميل بأن الخدمة هنا مميزة عن الأخرين.
إدارة إجراءات العمل ضرورة لا غنى عنها
أنت مطالب اليوم بالتعرف على إجراءات العمل التي تتبعها في منشآتك وتعمل على تطويرها واتمتتها بالشكل الذي يناسبك ويميزك عن الأخرين ليكون لك موقع قدم في سوق تزيد فيه المنافسة شراسة يوما بعد يوم. ولكما أبدعت في أتمتة وتطوير إجراءات العمل لديك كلما تميزت أكثر. ولا تقف عند حد فالعملية مستمرة ودائمة ودورية تبدأ بالأتمتة ولا تنتهي بها.
*منقول بتصرف.