تعريف الجودة:
• الجودة من (أجاد) أي أحسن، يقال (فلان تكلم فأجاد، أي تكلم فأحسن، فلان عمل فأجاد أي عمل فأحسن) وعكسه (تكلم فأساء وعمل فأساء).
• والجودة تعني الاتقان كما تعني في مستوياتها العالية التفوق والإبداع.
• والجودة هي نتيجة الاهتمام أساساً بالكيف والنوع لا بالكم.
• والجودة في المصطلح الحديث ارتبطت – إجمالاً – بالجوانب الاقتصادية والتنظيمية (الجودة الإدارية) (الجودة التصميمية) (الجودة الصناعية) (الجودة الزراعية).
• والجودة في هذه المجالات باتت محكومة بمواصفات ومعايير ومقاييس، ولم تعد خاضعة للمزاج والذوق الشخصي.
الإسلام والجودة:
إن الإسلام – عقيدة وشريعة وأخلاقاً – وكفلسفة للكون والإنسان والحياة، هو كمال الجودة وتمامها، ومن خلال ذلك نفهم البعد اللانهائي في قوله تعالى: [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً] (المائدة: 3) وكيف لا يكون الإسلام كمال الجودة والإبداع وهو دين الله [بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ] (117) (البقرة). إن الإبداع البشري هو أثر ومظهر من آثار ومظاهر الإبداع الرباني، بل إنه وظيفة تكليفية ومسؤولية شرعية وليس خياراً بشرياً قبله الإنسان أو رفضه: [أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى] (36) (القيامة).
الجودة والإحسان:
وإذا كانت الجودة مظهر من مظاهر الإحسان ونتيجة من نتائجه، فإن الإسلام دعوة مطلقة إلى الإحسان: [صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ] (138) (البقرة). وفي قوله تعالى: [لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا] ً (هود: 7) إشارة واضحة إلى أن الجزاء يتعلق بكيفية الأداء كائناً ما كان هذا الأداء. وكذلك في قوله تعالى: [إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (7)] (الكهف) وفي قوله تعالى: [الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)] (الملك). الإنسان الذي أبدع الله خلقه مدعو إلى الإبداع: إن من الشكر لله على إبداع خلقه يفرض على الإنسان أن يكون محسناً مبدعاً في عمله وصنعته ومهنته مهما كانت، ففي قوله تعالى: [لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)] (التين) دلالة واضحة على جودة الخلق وإحسان الخالق وإبداعه.
الإسلام يدعو إلى الجودة:
إن من البديهي أن يدعو المبدع إلى الإبداع وأن يحض المحسن إلى الإحسان، وهذا شأن منهج الله في دعوته الإنسان إلى الجودة والإبداع والإحسان، وصدق الله تعالى حيث يقول: [وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ] (النساء: 125). ويقول تعالى: [وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً] (البقرة: 83) وفي الخطاب النبوي دعوة واضحة بينة إلى الجودة والإتقان والإبداع والإحسان، مثال ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يحب من العامل إذا عمل أن يحسن" رواه البيهقي، وكذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" للبيهقي.