الرئيسية - المقالات - إدارة المعرفة….الطريق نحو التميز
إدارة المعرفة….الطريق نحو التميز
مركز خبراء الجودة
الساعة 08:59 مساءا

أتعلمون ان ما يميز شركة عن أخرى وشخصا عن أخر هو مقدار ما يمتلكه من معرفة, فالمعرفة هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن تقليده أو سرقته وبالتالي فهي أغلى كنز يجب الإهتمام به وادارته بالطريقة التي تحقق الأهداف المرجوة بفعالية سواء للأفراد أو الشركات. فإدارة المعرفة أحد أهم اساسيات التحول الرقمي سواء في الأغمال أوالتعليم أو التواصل.

ما هي المعرفة؟

المعرفة كما عرفها Nonaka هي “الاعتقاد الشخصي المبرر لدى الفرد” والتي نتجت عن الفهم العميق للمعلومات المتراكمة عبر الزمن والتي نتجت بدورها عن البيانات التي تم تحليلها والتنقيب فيها. وهي تمثل مجموع الخبرات التي يحملها كل فرد منا فتصبح جزءا من شخصيته وتكوينه فيميزه عن الأخرين، والحصول على المعرفة ينبغي أن يؤدى إلى الحكمة وهي الاستخدام الفعلي للمعرفة.

والمعرفة نوعان فهي اما ضمنية تكمن في عقول الناس او صريحة واضحة بالكلمات والصور، وفي الأغلب هي ضمنية تم تكوينها على مدى فترة زمنية طويلة وتتدرج من المعرفة من معرفة “ماذا” ثم “كيف” ثم “لماذا”.وللوصول للخبرة الحقيقية فلابد أن تتحول المعرفة الظاهرة الصريحة لدى الفرد إلى معرفة ضمنية فتكون جزءا من شخصيته. وفي ذات الوقت وليكتسب الأخرون الخبرة فلابد أن يتم مشاركة المعرفة الضمنية للفرد (وليس معرفته الصريحة فقط) بتحويل معرفته الضمنية إلى صريحة.

والمعرفة هي ما يميز منظمة عن الاخرى وهي اهم ما تملكه المنظمات من اصول في عصر العولمة التي نعيش فيه, فهي العنصر الاساسي ألذي يجعل المنظمات بجميع أنواعها تتعامل بشكل فعال مع متغيرات البيئة الداخلية والخارجية التي تؤثر فيها كالتغير في الاسواق أوالتكنولوجيا أوالقوانين  فالمعرفة الدقيقة والحديثة تعمل وبشكل دائم على تطوير العمل وتحسين اداء المنظمة.

والمعرفة في المنظمات هي مجموع معرفة الموظفين الحالين والسابقين والتي تكونت عبر الزمن من خلال مشاركة المعرفة في اتجاهين:

  1. من العاملين للمنظمة بتحويل معرفتهم الضمنية الي معرفة صريحة فتتحول الى جزء من معرفة المنظمة ككل.
  2. من المنظمة للعاملين من خلال. تحويل المعرفة الصريحة للمنظمة لتصبح جزء من المعرفة الضمنية للشخص فتساعد على تطوير أعمالهم بشكل افضل.

إدارة المعرفة:

ولتحقيق الفائدة المرجوة فلابد للمعرفة من إدارة، فإدارة المعرفة تعنى بإيصال الفهم الذي تم على المعلومات والبيانات حتى يتم استخدامها في تأدية الأعمال بفعالية و هي العملية المستمرة التي يتم من خلالها تنظيم وتخطيط وتحفيز والسيطرة على العمليات المتعلقة بالحصول على المعرفة ونشرها ومشاركتها وتوزيعها داخل المنظمة متضمنة الانظمة والأفراد بحيث تضمن هذه العملية التطوير المستمر للمعرفة وتوظيفها بالشكل المناسب الذي يدعم عملية اتخاذ القررا وحل المشاكل والتخطيط للمستقبل بما يتناسب مع أهداف المنظمة واستراتجيتها. وعند تفعيل إدارة المعرفة داخل المنظمة بالشكل المطلوب فإن ذلك سيؤثر ايجابيا على السلوك التنظيمي للمنظمة ويحولها الى منظمة متعلمة قادرة على التعامل مع ديناميكية الأعمال في أيامنا هذه.

إن أهم شيء في إدارة المعرفة لأي منشأة هي تحويل المعرفة الضمينة لدى العاملين الى معرفة صريحة يمكن الاستفادة منها  وأهم شيء بالنسبة لأي فرد هو  تحويل المعرفة الصريحة التي يحصل عليها من البيئة المحيطة به الى معرفة ضمينة فتصبح جزء من شخصيته.

وتمر إدارة المعرفة في المنظمات بدورة حياة تبدأ بالإنشاء Creation أو الإستحواذ Acquisition  ثم التحسينRefinement عبر الفلترة والفهرسة والتفسير والتوضيح ثم يأتي دور التخزين عبر أنظمة وقواعد المعرفة ثم النقل والتحويل transfer الى العاملين في المنظمة ثم الإستخدام وإعادة الاستخدام الفعال لها في اتخاذ القرار وحل المشاكل.

ويتم الاحتفاظ بتلك المعرفة ضمن منظومة إدارة المعرفة في المنظمة والتي قد تتكون من أنظمة مولدة للمعرفة كنظم ذكاء الأعمال ونظم إدارة المحتوى أو أدوات التنقيب عبر الإنترنت حيث تعمل تلك المنظومة المتكاملة على تشارك المعلومات وتبادلها بين الأنظمة والأفراد والمجموعات وتوفر أدوات البحث والاسترجاع وتعمل في ذات الوقت على تغذية ذكاء الاعمال بالبيانات.

نموذج إدارة المعرفة:

لا تضمن إدارة المعرفة أن يتم حدوث اكتساب للمعرفة مالم يحدث ذلك التحول بين المعرفة الضمنية والمعرفة الظاهرة الفردية والجماعية للعاملين في المنشأة. هذا التحول عملية من الصعب إدارتها بشكل محكم وكل ما نملكه هو توفير الأدوات التي تساعد على حدوثها. تحدث عملية التحول تلك ضمن اربع مراحل متداخلة ذكرها Nonaka and Takeuchi عام 1995 ضمن نموذج إدارة المعرفة (SECI) Socialization Externalization Combination Internalization الذي أسس له والذي يؤمن من خلاله بأن بناء المعرفة يتم عبر أربعة مراحل:

نموذج إدارة المعرفة مترجم عن (Islam et al., 2011)

  • الاستيعاب Internalization وتعنى بالحصول على المعرفة الضمنية عبر المعرفة الظاهرة من خلال تكوين المعرفة من الكتب أو التواصل مع المصادر الخارجية إضافة للخبرة الشخصية وترتبط عملية الاستيعاب بعمليتي توزيع المعرفة ونشرها والوصول لها عبر البحث والاستعراض وتنقيب البيانات واستخدام البوابات الإلكترونية والنظم الحبيرة. يدعم عملية الاستيعاب استخدام تقنيات ذكاء الأعمال Business Intelligence لاستنباط المعرفة من البيانات الضخمة المخزنة على مدى فترة زمينه طويلة سواء تلك المتعلقة بالماضي أو للتنبؤ بالمستقبل. كما يحتاج الاستيعاب أيضا إلى بيئة تدريبية مفتوحة تساعد على الممارسة والتعلم عبر العمل.
  • التنشئة الاجتماعية Socialization وتعني بتبادل وتشارك المعرفة الضمنية مع الأخرين عبر الملاحظة والمحاكاة والتواصل والحوار وتتضمن تبادل الخبرات والأفكار والمهارات بين العاملين. ترتبط التنشئة الاجتماعية بعمليتي تقييم المعرفة والتغذية الراجعة التي يتم الحصول عليها من خلال ذلك التفاعل والتي وتؤدي لبناء معرفة ضمنية جديدة. تحتاج التنشئة الاجتماعية إلى بيئة مبدعة تساعد على تبادل المعرفة الضمنية بحيث توحي تلك البيئة بالثقة والالتزام. يمكن أن يتم ذلك عبر وسائل التواصل والتشارك المتزامن وغير المتزامن كورشات العمل وجلسات العصف الذهني ومؤتمرات الفيديو Videoconferencing وأدوات الدردشة ومنتديات النقاش والمدونات والنشرات الإلكترونية Electronic Bulletin Board ومواقع الإنترنت وأدوات العمل الجماعي والبوابات الإلكترونية وغيرها.
  • الاستنباط Externalization وتعني بتحويل المعرفة الضمنية إلى معرفة ظاهرة فتتكون المعرفة الجماعية. ويتم ذلك عبر توثيق المعرفة الضمنية باستخدام المفاهيم والنماذج والفرضيات والنظريات وأووراق العمل حيث يتم تجميع المعرفة الشخصية وتصنيفها وخزنها وجعلها متوفرة للأخرين. ويتم ذلك عبر أدوات العمل الجماعي كالبوابات الإلكترونية أو العمل الفردي كالمدونات أو أدوات خزن المعرفة التي تساعد على الوصول للمعرفة ومشاركتها بسهولة. وترتبط عملية الاستنباط بعمليتي انشاء المعرفة الجديدة من معارف وخبرات سابقة وامتلاكها لتصبح معرفة صريحة ومتاحة. وتحتاج لبيئة حوار مناسبة تساعد على مشاركة الأفراد لخبراتهم وتجاربهم وأفكارهم وتحويلها لمعرفة صريحة.
  • التركيب والدمج Combination وتعني بتجميع المعرفة الظاهرة من مصادر مختلفة وخلطها لتكوين معرفة ظاهرة جديدة والتي تؤدي عادة لابتكارات جديدة. وترتبط عملية الدمج بعمليتي تنظيم المعرفة وخزنها في مستودع رئيسي للمعرفة وفهرستها وتصنيفها وتنظيمها بشكل يسهل البحث عنها والتنقيب فيها وعرضها. ويحتاج الدمج لبيئة منظمة تستخدم التقنيات المناسبة لخزن وإدارة المعرفة الصريحة كقواعد البيانات وإدارة المحتوى Content management. وتتنوع المعرفة المخزنة ما بين الوثائق والمستندات الإلكترونية وملفات الوسائط المتعددة والنقاشات والدردشة والبيانات الواردة من الأنظمة العاملة في المنشأة.

ختاما..إدارة المعرفة هي ثقافة منشأة:

لكي تنجح إدارة المعرفة فلابد أن تدعم ثقافة المنظمة تشارك ونقل المعرفة وذلك عبر استراتيجية المنظمة وأيضا عبر توافر الأنظمة التقنية التي تدعم التشارك والبحث والتنقيب ووجود قنوات حرة لتنقل المعلومات والمعرفة بين العاملين فهذا سيعود بالقائدة على أداء المنظمة وأداء الأفراد فيها وبالتالي على الخدمة أو المنتج في النهاية.

 

*منقول.

إضافة تعليق
الاسم
عنوان الموضوع
النص